تعز تنزف من جديد.. من قتل مديرة صندوق النظافة؟

مبارك عبدالقادر الشيباني:
مدينة تعز التي لطالما كانت حاضنة للقيم والعلم والمدنية تنزف من جديد.
رصاصة غادرة أطلقتها يد قذرة أنهت حياة الأستاذة إفتهان المشهري مديرة صندوق النظافة والتحسين وواحدة من أنظف الوجوه الإدارية في المدينة.
إفتهان لم تكن موظفة عادية بل امرأة اختارت العمل في أصعب الظروف وفضّلت البقاء في مدينة تغرق في الفوضى بينما كان يمكنها أن تعيش حياة مستقرة في أي مكان آخر. اختارت خدمة تعز وتحملت المسؤولية في قطاع غارق في الإهمال والفساد وأثبتت للجميع أن المرأة قادرة على التغيير متى ما امتلكت الإرادة والشجاعة والنزاهة.
لكن، في تعز اليوم يُكافأ المخلصون بالرصاص ويُكافأ العابثون بالمناصب.
ليست الجريمة سوى انعكاس لوضع خطير تتردى فيه المدينة حيث تُحمى العصابات الصغيرة بشخصيات نافذة ويتجول المسلحون دون حساب ويتم استبدال الكفاءات بالمحسوبين على مشايخ أو جماعات بعينها.
أين الدولة؟
من يسيطر على القرار الأمني في تعز؟
ومن يجرؤ على إنفاذ القانون أمام عصابات أصبحت أقوى من السلطة نفسها؟
إن استمرار الصمت على هذه الجريمة ليس تواطؤًا فحسب بل هو دعوة مفتوحة لمزيد من الفوضى.
المطلوب اليوم ليس القبض على القاتل المنفّذ فقط، بل الوصول إلى من خطّط ومن حرّض ومن وفّر الغطاء السياسي أو الأمني.
والمطلوب أيضًا من مجلس القيادة الرئاسي وسلطات تعز المحلية محاسبة الفاشلين في المناصب الأمنية وإقالة العاجزين عن ضبط الوضع لأن الصمت لم يعد مقبولًا والدم لم يعد يحتمل التأجيل.
تعز لا تحتمل المزيد من النزيف.
وإفتهان المشهري بما مثلته من نقاء وصدق يجب أن تكون نقطة فاصلة في الوعي الجمعي لهذه المدينة
إما دولة وقانون… أو انفلات وفوضى لا تُبقي ولا تذر.